الخميس، 24 نوفمبر 2011

ماذا لوحدث هذا السيناريو في حاله تخلي المجلس العسكري عن اداره البلاد




ائتلافات الشباب تدعو إلي اجتماع عاجل حضر اللقاء حوالي 180 ائتلافًا، كل يريد أن يكون له نصيبه في المجلس الانتقالي، الأصوات تعلو، والاتهامات تلقي جزافًا، أنت لست معنا، أنت عميل للمجلس العسكري، أنت تعاونت مع النظام البائد، أنت تمول من الخارج، أنت لم تكن معنا في التحرير...إلخ.
حملات علي الفيس بوك تنطلق، هجوم مكثف يتعمد الإساءة لبعض القيادات الشابة، حرب تشتعل بين رفاق الثورة، هوة الاختلاف تتسع وتتعمق!!
أحزاب سياسية وقوي تقليدية تتحدث هي الأخري عن نصيبها في المجلس الانتقالي، وتؤكد أنها لن تظل صامتة أمام محاولة استئثار قوي بعينها بالمجلس، وتهدد بالدعوة إلي مليونية في ميدان التحرير احتجاجًا علي محاولة خطف المجلس الانتقالي والاستئثار به لصالح قوي سياسية بعينها.
وافق الجميع علي تشكيل لجنة للحكماء لترشيح عدد من القيادات المقبولة شعبيًا لعضوية هذا المجلس، طرحت اللجنة عشرين اسمًا، لم يجر الاتفاق علي أي منها، اضطرت اللجنة إلي ترشيح عشرين آخرين، استمر الجدل لأكثر من شهرين والبلد في انتظار ولادة المجلس الانتقالي، وفي النهاية جري الاتفاق علي إجراء الانتخابات علي القائمة بأسرها.
تم تشكيل لجنة لإدارة الانتخابات، تدفقت إلي الساحة قوي جديدة وائتلافات متعددة، حتي وصل مجموعها إلي أكثر من 500 حزب وائتلاف خلال أيام قليلة، كان الكل يتطلع إلي اقتسام الكعكة، غير أن الانتخابات حسمت الأمر.
جري الاتفاق علي إجراء الانتخابات تحت الاشراف القضائي، جنبًا إلي جنب مع إشراف لجنة الحكماء بنفسها علي ضمان نزاهة الانتخابات .. جري تحديد موعد للانتخابات خلال شهر، تقدم 400 شخص للترشيح لاختيار ستة أعضاء من بينهم، راح كل منهم يقدم برنامجه وتصوراته.
بعد مضي الشهر تقريبًا حل موعد الانتخابات، احتدمت المنافسة منذ الصباح، صدرت بيانات من النقابات ومنظمات المجتمع المدني وهيئات وجمعيات تعلن جميعها عدم اعترافها بالمجلس الانتقالي الذي سيجري انتخابه لأنها استبعدت من المشاركة.
شائعات تتردد عن أموال قدمت من مرشحين لبعض الأحزاب والقوي المشاركة، وهناك من يتوعد بمليونية في حال تجاهل انتخابه لعضوية المجلس الانتقالي.
أعلنت النتيجة بنزاهة شهد بها الجميع، غير أن ذلك لم يعجب بعض القوي، ثارت ورفضت النتيجة، وطالبت بإعادة الانتخابات بحضور مراقبين دوليين، لقد جري التشكيك في الجميع بلا استثناء.
أكدت اللجنة المشرفة أن الانتخابات جرت في أجواء من الحرية والنزاهة، غير أن ذلك لم يقنع بعض الاتجاهات التي دعت علي الفور إلي مليونية بميدان التحرير تحمل شعار 'ضد التزوير'.
تم الاتفاق علي إعادة الانتخابات مرة أخري بحضور ممثلين من كافة الاتجاهات المشاركة، تم فرز الصناديق وأعلنت النتائج التي أكدت حصول ستة من المرشحين علي أعلي الأصوات، ثارت بعض الفصائل المشاركة واتهمت الفائزين، بأنهم اشتروا الأصوات بالأموال، وأنهم من فلول النظام السابق، وكانوا علي علاقة وثيقة به، وقرروا الدعوة إلي مليونية 'ابعدوا الفلول عن المجلس الانتقالي'!!
مضي الآن نحو ثلاثة أشهر، علي قرار المجلس العسكري بتسليم السلطة لمجلس انتقالي من المدنيين، تعطلت أحوال البلاد، تفاقمت الصراعات، تراجعت البورصة وفقدت عشرات المليارات، زادت حدة الانفلات الأمني، جري تأجيل الانتخابات البرلمانية إلي وقت لاحق، تراجعت أهداف الثورة إلي الخلف، راح السخط يعم الشارع ضد هؤلاء الذين تسببوا في هذه الأزمة.
تعالت الأصوات تطالب بعودة الجيش لانقاذ البلاد، مصدر عسكري أكد أن الجيش لن يقبل بالعودة للحكم في الفترة الانتقالية، لكنه سيبقي حارسًا لأمن البلاد في الداخل والخارج.
عم الخلاف كافة الأوساط، انطلقت مظاهرات من ميادين عدة، تطالب النخبة السياسية بالاتفاق علي تشكيل المجلس الانتقالي أو تسليم السلطة للجيش مرة أخري.
بعد طول عناء، تم الاتفاق علي أن يمارس المجلس المنتخب مهامه لحين إجراء الانتخابات الرئاسية، أيام قليلة وبدأت حملة علي 'الفيس بوك' تدعو لمليونية 'اسقاط المجلس الانتقالي'.
علقت صور أعضاء المجلس الانتقالي بميدان التحرير باعتبارهم خونة نكثوا بوعودهم التي قطعوها علي أنفسهم الأسبوع الماضي بتحقيق أهداف الثورة، طالب المتظاهرون بمحاكمة المتواطئين من أعضاء هذا المجلس، وراحوا يفتشون في دفاترهم القديمة، قبيل المساء انطلقت مظاهرة ضمت حشودًا كبيرة إلي مقر المجلس الانتقالي بمصر الجديدة حاصروا المقر وهتفوا باسقاط المجلس الانتقالي باعتباره أصبح عدوًا للثورة.
خرج إليهم رئيس المجلس حاول أن يفهمهم أنه من الثوار ويتبني مطالبهم، طلب منهم الانتظار قليلاً، فالمجلس عمره فقط أسبوع واحد، هتف المتظاهرون 'الشعب يريد اسقاط المجلس الانتقالي'، رفعوا في مواجهته لافتات تتهمه بخيانة الثورة وأهدافها.
قرر الرجل الانسحاب إلي مكتبه، وراح يكتب استقالته، انضم إليه بقية الأعضاء، وخرج ليعلن الاستقالة من شرفة القصر، هتف المتظاهرون فرحًا، وطالبوا بسرعة تشكيل مجلس انتقالي جديد، دبت الخلافات مجددًا، تعطل كل شيء في البلاد عدة أشهر أخري، جدل عقيم لا يتوقف، وجوه غريبة تطل علينا من فضائيات مشبوهة هدفها الوحيد هو إثارة الفوضي في البلاد.
'3'
بعد شهور عدة من الجدل فشلت الأحزاب والقوي الثورية في اختيار مجلس انتقالي بديل، انقسمت القوي إلي مجموعات متفرقة، كل اختارت لها مجلسًا انتقاليًا، أصبح لدينا عشرة مجالس انتقالية .. كل يدعي الشرعية، وكل يدعي أنه صاحب السلطة والحكم في البلاد.
استمرت الأوضاع في تأزم شديد، تزايدت حدة الجرائم والبلطجة في البلاد، انطلقت دعاوي مشبوهة تطالب بالتقسيم، المطالب الفئوية تتسبب في تعطيل الانتاج، أحوال البلاد تتدهور سريعًا، نفاد الاحتياطي النقدي الاستراتيجي ينذر بكارثة اقتصادية في البلاد، تراجع المخزون الاستراتيجي من القمح والمواد الغذائية إلي درجة تنذر بالخطر، بوادر ثورة للجياع بدأت تطل برأسها في البلاد، الجماهير تتوقع حدوث انقلاب عسكري في أي وقت، لوضع حد للفوضي السائدة، والسياسيون لايزالون منهمكين في معركة 'المجلس الانتقالي'!!
<<<
الشارع يزداد غضبًا، يرفض الفوضي العارمة التي بدأت تتسلل إلي كل مناحي الحياة في البلاد، الناس تصرخ ولا أحد يستمع إلي صراخها، الكل منهمكون، يسعون إلي تقاسم 'التورتة'، ينسون دماء الشهداء، والحديث عن الوطن وعن الثورة وعن المصير؟!
أموال تتدفق من الخارج، صحف وفضائيات تنطق باسم هؤلاء الذين يحركون الخيوط من خلف ستار، معارك لا تريد ان تتوقف، انفلات بلا حدود، ضرب للثوابت، انتشار للفتنة الطائفية يهدد كيان الوطن، الشرطة عاجزة عن التدخل، عمليات عنف وإرهاب تتصاعد في سيناء، تهديدات إسرائيلية بالتدخل حماية للحدود، أمريكا تعطي انذارًا وراء انذار، الإعلان عن تأجيل الانتخابات البرلمانية والرئاسية إلي فترة غير محدودة، الوطن يدخل إلي النفق المظلم.
واحد من جنرالات الفضائيات يطل علينا متهمًا فلول النظام السابق بأنهم وراء ما تشهده البلاد من فوضي، مواطن بسيط يلعن الجميع، ويهدد بثورة جديدة لن تبقي ولن تذر، أم مكلومة تبكي شهيدها الذي سقط في الميدان، الآن تشعر بأن دماءه قد ذهبت هباء، بفعل الطامعين والكذابين .. تطلق صرخة قوية علي الشهيد وعلي الوطن!!
<<<
كان ذلك سيناريو تخيليًا لما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع في حال استمرار الفوضي، والحروب علي مؤسسات الدولة، والسعي إلي هدمها وتقويض كياناتها، واشغال الشعب بحروب جانبية بعيدًا عن أهداف ثورته المجيدة.





إن الكل يشعر بالمخاطر التي تحيق حاليًا بالبلاد، حيث السلاح الذي راح يتدفق إلي القري والكفور والحضر والمناطق المختلفة، غابة من الأسلحة تدخل إلي مصر من الغرب والجنوب، وكأن هناك مخططًا ينفذ علي أرض الواقع مستهدفًا تمزيق الوطن واجهاض الثورة .. سعي دؤوب لإثارة القلاقل والاعتداء علي المؤسسات، إصرار عنيد علي عدم تحقيق الاستقرار.
الكل يتحمل المسئولية، المجلس العسكري يتردد في الحسم واتخاذ القرار، الحكومة عاجزة، قوي الثورة المضادة تنشط وتتحرك بقوة، تعرف ماذا تريد، وتستخدم كل الآليات والإمكانات لتنفيذ المخطط!!
لقد قفزوا علي الثورة، دفعوا بها بعيدًا عن الطريق، اشعلوا الحروب في الداخل ومدوا أيديهم للخارج، المخطط ليس سهلاً، وإسرائيل وجدت الفرصة سانحة.
انها تريد القضاء علي المارد العربي الذي بدأ يعود علي ضفاف النيل، لابد من اشغال مصر وانهاكها، فلتدفع المليارات إلي العملاء والمرتشين، وليفتح الباب أمام الطامعين.
إذن هي الحرب، فلماذا أنتم صامتون، وإلي متي سنبقي ساكتين، ان المطلوب هو جبهة عريضة لانقاذ مصر، تتبني برنامجًا وطنيًا عنوانه 'نهوض مصر والسعي إلي تقدمها' تتفق حوله الجماعة الوطنية من كافة الاتجاهات، وتنحي خلافاتها جانبًا وتسعي إلي تحقيقه.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق